الأحد، 1 يوليو 2012

كيف نتنبأ بسلوك الآخرين؟


كيف نتنبأ بسلوك الآخرين؟
(إيفارمانيوز) – في حياتنا نلتقي يومياً عدداً كبيراً من الناس ونتكهن بسلوكهم وخياراتهم
 وذلك بالاعتماد ربما على وضع أنفسنا في مكانهم ولكن لطالما بقيت الآلية الدماغية التي تساعدنا على تحقيق ذلك لغزاً ولكن دراسة يابانية حديثة استطاعت إيجاد الجواب على ذلك اللغز وتحديد الآلية الدماغية التي يستطيع الإنسان من خلالها التنبؤ بسلوك الآخرين وقراراتهم.
حيث أننا نستطيع توقع سلوك الآخرين عن طريق تعلم قيمهم وطريقة تفكيرهم ومن ثم محاكاتها ذهنياً في عقولنا، أي أننا نستخدم طرقنا المألوفة في التفكير لتحليل وتقليد أمور غير مألوفة بالنسبة لنا وموجودة في تفكير الشخص الآخر. وعلى الرغم من أن هذا التفسير بسيط وبديهي لكن إثباته والتحقق من طريقة عمله في الدماغ صعبة جداً نتيجة صعوبة فكّ الإشارات الدماغية الناتجة عن تلك المحاكاة.
واعتمدت هذه الدراسة التي تعدّ الأولى من نوعها على دراسة سلوك المشاركين عبر إخضاعهم للعبة يتكهنون من خلالها بسلوك الطرف الآخر بناء على معرفتهم بهذا الآخر وقراراته، وثم قام الباحثون بتحليل إشارات النشاط الكهربائي في الدماغ عن طريق تصوير دماغ المشاركين بالرنين المغناطيسي الوظيفي، وبعد ذلك قاموا بإعداد نموذج حاسوبي للسيالات العصبية المسؤولة عن المحاكاة الذهنية في المخ التي يقوم من خلالها التنبؤ بسلوك الطرف الآخر.
وأظهرت النتائج التي نشرت في العدد الأخير من مجلة Neuron أن المحاكاة البشرية لقرارات الآخرين تستخدم إشارتين في الدماغ يتم استقبالها وتحليلها في قشرة الفص الجبهي للمخ وهذه المنطقة يعتقد أنها مسؤولة عن الإدراك.
حيث تقوم الإشارة الأولى في الدماغ بمحاكاة تحليل قيم الآخرين والمكافأة التي سيحصلون عليها من هذا الاختيار أو ذاك أي بتقييم قيمة المكافأة الناتجة عن هذا القرار بالنسبة للشخص الآخر وهذه الإشارة تدعى إشارة المكافأة، أما الإشارة الأخرى فهي تدعى إشارة الفعل وهي تتعلق بالفعل الذي يتوقع الإنسان أن الشخص الآخر سيقوم به.
وتوصلت صور الرنين المغناطيسي الوظيفي إلى أن معالجة إشارة المكافأة تتم في الجزء البطني الأنسي من قشرة الفص الجبهي من المخ، بينما تتم معالجة إشارة الفعل في الجزء الإنسي الظهري من قشرة الفص الجبهي.
ويقول الباحث الرئيسي في الدراسة: "إننا نتفاعل كل يوم مع مجموعة متنوعة من الأفراد ونتشارك مع بعضهم نفس القيم وطريقة التفكير، وفي هذه الحالة فإن التفاعلات تكتفي بأن تستخدم إشارة المكافأة في الدماغ للتنبؤ بأفعال الآخرين وقراراتهم. ولكن بالنسبة للأشخاص الذين يختلفون عنا بقيمهم فإن الإشارة الدماغية المسؤولة عن الفعل تصبح ذات أهمية قصوى في التنبؤ بأفعالهم".
ويعتقد الباحثون أن هذا النهج في الدراسات أي النهج الذي يعتمد على استخدام نماذج رياضية مبنية على أساس السلوك البشري مترافقة مع تصوير الدماغ سوف يكون له أثر كبير في الرد على مجموعة واسعة من الأسئلة المتعلقة بالوظائف الاجتماعية التي يستخدمها الدماغ.
ويختتم مؤلف الدراسة بقوله: "ربما يوماً ما نستطيع تحقيق فهم أفضل بما يختص بلماذا وكيف يستطيع البشر التنبؤ بسلوك الآخرين، وحتى أولئك الذين يفكرون بطريقة مختلفة" ويضيف: "إن هذه المعرفة يمكن أن تساعد على تحسين النظم السياسية والتعليمية والاجتماعية في المجتمعات البشرية".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق